Sunday, May 15, 2011

ستّون

ستّون،  وثلاث  آخرون، نحن راحلون، نعم راحلون، لكن لا تبتسموا، فلسنا إلّا إلى القدس زاحفين.
صوت ليل مجنون، ونهار مسكين، صبح مقرون بنهاية الظلم اللّعين، سيفاً حملنا بل سكين، فالجرح بالسيف شرف ليس لكم، زيتوننا من نيران قنابلكم يزهر ويزرع في أرضنا إرثاً مصون، والجفون لن تغفى ولن تنام العيون، قبل رحيلكم إلى الحريق الهشيم، ولن ننام هذا الليل وسنضئ أجساد شهدائنا شمساً أخرى، وصبحاً لا ليل بعده ولا قنديل، أيها الضعفاء، من أطفالٍ هربتم، من أطفال لا يتكلّمون، من أطفال مقعدين، لم يقعدهم سوى أعوام قليلة.

لا تفرحوا، لا وجود لكم اليوم، جروحنا غطّيناها ببلسم من النيل، ومن دجلة والفرات سنشرب وما أنتم بشاربين، من دمائنا التي أفاقت رسمنا الرسومات، ورفعناها فوق مقصلة الشجون، لا سجون اليوم إلّا لكم.
كلمات قليلة تكفي، فالحروف تخيفكم، كأنّها عيون، تخافون الليل والنهار وترتجفون، نحن ناركم في الأرض وفي السماء والغيوم. 

Saturday, February 26, 2011

رقصة


لا ترقصي، عند رقصك تهزّين عالمي، فلتصمتي، فكلامك يملأ أذناي فلا أسمع سواك، كالبرق أنت، تخطفين الأنظار وتختفين، تختبئين خلف ستارات الهمسات كأنك غيمة في سماء الليل، لا يدرك المار تحتها وجودها، تهمسين في أذني ما أظن أنه أوهام، تغنّين الكلمات كأنها نوتات موسيقية خلقت قبل خلق النّغمات، ترقصين، وتهزين برقصك عالمي الذي تملّكته، عالمي الذي لم يعد موجوداً، تبتسمين و في عيناك ضحكات تملأ أصواتها الفضاء، صوتك والأضواء الخافتة شبيهان بنسمة شتوية من الهواء تتربع في مقلة ليلة صيفية لا غيوم في سمائها، تتنفسين، و كأن نفسك إنتظام الليل والنهار...

دفء أنت، كالشمس، عدا أنّك لا تعمين من ينظر إلى شعاعك، كضربات على أوتار العود، يضربها عازف واثق الخطوات، عذبة أنت، كعذوبة النّدى في صبح جديد، كقلب طفل صغير تنبضين بالحياة، ككلمة لا حروف لها تحمل من المعاني ما يحملة المعجم في صفحاته الرّثة.

كالبحر أنت، تضربين شاطئك بأمواج رقيقة مرحة و مقفّاة. عندما تطفأ الأنوار، وينام النّهار، تستيقظ الجميلة فيجبر النهار على الإستيقاظ مرة أخرى، فترتفع شمسها في غياهب السّماء المحمرّة ويبدأ يومي، برقصة.

Wednesday, January 5, 2011

ربيع تحت المظلّة


يكفيني حزناً، ألماً ضياعاً يكفيني، يكفيني البرد، عليّ أن أرسم الحياة من رماد قلبي الآن، وإلّا مات القلب بعد إحتراقه، لا آبه إن كانت كلماتي مقفّاة بعد الآن، لا أريد التفكير الآن، لا أريد سوى أن أنام في ربيعي الذي إنتهى، أريد أن أستيقظ مرة أخرى عندما يحل الربيع القادم، وإن كان في ربيعي أمطار سأناديك فتهديني مظلةً نقف تحتها، ونضحك تلك الضحكات، تلك الهمسات ملؤها التفاؤل، سأناديك فتقترب منّي حاملاً زهرة من الربيع الذي مضى، زهرة لا تغطيها الثلوج ولا الأمطار، زهرة لا يغطيها غطاء سوى كفن الشتاء الذي فقد برده بعدما سمع خطواتك وأنت تقرب حاملاًَ المظلة.

سوف أجدك، وإن كنت أبعد من أبعد منال، سوف تجدني، عندما يقترب الفجر، عندما يتقهقر الليل، سوف أجدك، وسنعيش في جزيرة من ربيع، جزيرة لا ينبت فيها الشتاء، سنعيش في سلام ونموت ثمّ نحيا حياة أبدية ملؤها الربيع.

Sunday, January 2, 2011

هجرة


أنا مشرد اليوم، أبكي بلا أسباب، إلى بيتي لا أجد الباب، لا أذكر شيئاً سوى أنّي مكسور، كزجاجة على قارعة الطريق، لم يعد لدي ما أكتبه، لأني لست أنا، لقد سافرت، هاجرت بلا رجعات، مللت الغربة في نفسي، أفتقدت الكلمات، لغتي أحرفها الدموع و النظرات، في سجن أجلس، في حيرات، في نعيم كنت، والآن قد مات، من أنا؟! أصرخ أنا الذكريات، تلك اللحظات، حين كنت طفلاً، ألعب الأحاجي، أرسم الكلمات، على الشاطئ الذي جف بحره اليوم أو أنه فاض، ما بي، من أناّ كيف وصلت إلى مدينة ساكنوها أموات، صبحها و مساؤها سواء، بردها كصيفها هبّات، من ريح عاتية وغيوم جافلة، وجوه بلا تعبيرات، نهار بلا أصوات، معاش بلا نشاط، كلام بلا كلمات، دموع همرات، صياح تبعات، قلوب ولا نبضات، كتب ولا كلمات، سماء ولا جنّات، مرآة ولا ضحكات، نسيم ولا بسمات، طريق ولا خطوات، بلد ولا أحياء ، أرض ولا نباتات.

حاولت التجاوز عن البداية، حاولت أن أفهم الإفتراضات، أوهام أمراض أم حياة؟ صعوبات تحديات أم مجازر؟ من أنا! سؤال يبدو أنّه بلا إجابات، أين أنا! هجين في أرض المدافن، عند صرير الأبواب أستيقظ، أظن باب بيتي قد فتح و لكن كل ما أراه أبواب توابيت، موت، حزن، سوداوية و حداد! هذا لست أنا! من أنا! إن كان هذا مثواي فما مثواه! ذاك الحيّ الذي أحب الحياة، ذاك المرء الذي أحب الألوان، ذاك الجميل الذي أردى الموت برصاصة، من أنا! أين هو؟ ما بي أرى السماء مقصلة والأرض مقبرة، وما بينهما عزاء!
أقسم إن الموت راحة، للضائع في تلك الغابات، فاقد الكلمات، صاحب النسيان...