Wednesday, January 27, 2010

خاتم مكسور

متلفحةً بالحزن تبكي، هي خاتم مكسور لأرملة صغيرة السن، كطفلة مسروقة الدمى تتراكض ودموعها تلف أعينها، قد كانت طفلة في الماضي ولكنّ الدهر تركها مسنةًّ شابّة الأدمع. كاللؤلؤة غالية ووحيدة، كورقة شجر خريفية المشاعر، تتعالى الأصوات منددةّ ومستنكرة ما يحصل لها، ولكنها بعد حين تغفو...بل تموت...


لم أرها من قبل، وهي أميرتي التي تسكن بيت أحلامي، كم يحلو اللقاء حين تكون الوجوه غير مألوفة، نسيم من رحمة تعانق بأشجار زيتونها و التين، وقوة تُبيد كل وهن تجسدت في جدرانها القديمة وساحاتها وأفنيتها الواسعة المليئة بأناس وضعوها قلادة غلى قلوبهم.


فيها المآذن و الكنائس، هي ريشة ترسم لوحة من التعايش والسلام لا شبيه لها، ألوانها حملها أنبياء ورسل كثر، ولكن اللوحة تذوي مع كل نقطة من حقد توضع في حبرها، كمقطوعة موسيقية تتعالى في آذان قلوبنا وتنعم علينا شوقاً يهفو به العقل.


كم أود أن أمسح دموعها النقية، كم أود أن أكون الطبيب الذي يعالج ألمها، ولكنّا رجل بآلاف الأيدي والألسن، نحمل أقلاماً لا تكتب سوى ما لاينفع وتطمس ما كتبه غيرها من نفع.


هي القدس، قدسية في الإسم والتربة، أصيلة، هي أجمل كلمة في قاموس كل اللّغات، هي أجمل أرض لم أرها من قبل، كل ما فيها يطلق الأنين مستغيثاً ولكن آذاننا آثرت الصمم على السماع، ربيع هي، يغطي كل ما يلمسه بلثام أخضر يحمل الورود.


ليس لدي كلام سوى ما تكتبه أناملي دون وعي أو إدراك، لطالما توشحت السماء بكفن أبيض من غيوم، ولكن ذاك الكفن أحيى زرعاً أنبت، واليوم يقف الضياء بمكانته العالية شامخاً، ولولا الظلام لما كان للضياء مكانته، يأبى الظلام إلاّ أن يزور بيوتنا من وقت لغيره، ولكن لون الليل الحالك علامة زواله مستسلماً للنور القادم من قلوب الأنقياء.

No comments:

Post a Comment